الاثنين، 23 يناير 2012

برطمانة حبنا




المدرسة.. عالم فريد..يحمل الكثير الكثير من المشاعر الجمييييلة.. والقواسم المشتركة بين الأصدقاء.. وبعض المشاغبات التي تضفي عليه قالبا مرحا ومسليا رغم كل ما يحدث أحيانا من حوادث "مالها داعي".. !
( بَـرْطَمَانَة حُبِّـنَا ).. بهذا الهجاء..
فكرة ولدت بعد عودة إحدى أفراد الشلة من رحلتها الأخيرة إلى بلادها في عطلة نهاية العام.. وأصبحت مشاعر جميلة تربط أفراد الشلة "الستة" بذكرياتهم القديمة منذ نشأة تلك الـ(برطمانة)!
المكان/ ثانوية التقوى الأهلية -جدة-المملكة العربية السعودية
الزمان/ 1432-1433/2011-2012
***

كف عن الحديث عني يا هذا ودعني أروي لهم القصة..
يوم عادي يمر عليَّ ككل يوم في هذا الدولاب.. كنت قد استسلمت للنوم عندما فتح الدولاب.. طار النوم من عينيّ فور أن تسللت إضاءة المطبخ الساطعة إليهما.. ترى ماذا تريد هذه الشقية؟
امتدت يدها لأجدها تمسك بي وتضعني على الطاولة.. فيحكم علي بالسهر هذه الليلة !!
أصرخ بأعلى صوتي عندما تصب عليّ هذه الفتاة الماء.. مؤكد لم تسمع صراخي فهي تفركني وتشدو بإحدى أغانيها الكلاسيكية.. المهم أن ليلتي أصبحت في عداد الأموات..
وعندما صرخت :ماما وينا السمسمية؟ علمت أن كرشي الكبيرة ستمتلئ بها اليوم فأصاب بالتخمة ..!
دق منبه الأم.. أيقظت أبناءها وبدؤوا بالاستعداد للذهاب إلى المدرسة.. خرجت الفتاة ولم تأخذني فصرخت: مرحى ! .. لكنها عادت لأخذي بعدما سمعتني إذ لم تكن وقتها تشدو بإحدى أغانيها !
***
أفقت في الحصة الثالثة عندما فتحت الفتاة كرشي وأخرجت منه بعضا من سمسمية جدتها لصديقاتها العزيزات.. عجبا ألا ينتظرن الفسحة؟! لا بد أنهن ينتظرن بفارغ الصبر تناول الحلوى السودانية الأصيلة..! وأنا الضحية !
***
في نهاية الدوام.. تصر الفتاة إلا أن تأخذني صديقتها إلى بيتها للاحتفاظ بما بقي من الحلوى.. أركب السيارة مع المدعوة (رهف).. أستغرب لكون بيتها بعيدا جدا عن المدرسة لكنني أستسلم لنوم عميق فالمكان هادئ نسبيا هنا ..
أصحو هذه المرة لأن كرشي الكبير فتح مرة أخرى.. أخرجت السمسمية وأدخلت الشوكولا .. أوووف ألا يفرغونني ولو لدقائق؟! أمضيت تلك الليلة في هدوء تام عدا أن الجو كان باردا جدا في الثلاجة التي وضعت فيها..
***
امتدت أياد كثيرة إليّ يومها لتذوق تلك الشوكولا والتي أرهقتني جدا.. نظرا لأنها ملأى بالسكريات !!
عدت إلى الوطن أخيرا.. إلى منزل الفتاة الشقية وخلت أنني سأعود إلى حيث مسكني الأصلي "الدولاب" لكن حظي العاثر قال كلمته..
عندما حل المساء كانت الفتاة قد انتهت من واجباتها المدرسية وفرغت من أعمالها وبدأت الأفكار تلعب برأسها.. وكان في مجمل تلك الأفكار فكرة تخصني ..
وضعتني على سريرها فخلت أنها تريحني بعد يوم متعب.. لكنها أحضرت ورقا ملونا وأقلاما وضعتها إلى جانبي وبدأت تقص وتلصق الأوراق عليّ وتزينها بأقلامها الملونة ووضعت على رأسي لافتة تفيد بأنني "برطمانة حبهم" فعلمت حينها أنها إحدى الخطط التي خطرت ببالها يوم أمس عندما كانت شاردة في الحصة..
وفي الصباح دق منبه الأم.. فالتزمت الصمت أملا في أن تنسى الفتاة أمري.. رأيتها تهرول نحو الباب.. لابد أنها متأخرة.. والجميل أنها نسيتني تماما..
خرج الجميع من المنزل.. مرت دقائق قليلة على خروجهم لكن الباب عاد ليفتح.. ويلوح لي وجهها..
فأستعيذ بالله.. ألم تكن هذه الفتاة ناسية لأمري قبل قليل.. حظي عاثر وذاكرتها حديدية !
كتب عليّ الذهاب إذا لمدرستها مجددا.. أخرجوني من الكيس ووضعوني في رف نافذة فصلهم المشمسة فنالني الحر وتعرقت لكني ما لبثت أن تعودت على هذا الجو..
***
استأت كثيرا في البداية من أيديهن التي تتسلل لتضع الأوراق داخلي بناء على فكرة صاحبتي الشقية لكنني أخيرا اقتنعت بأني أؤدي خدمة في هذا الحياة المملة وتكيفت مع وضعي الجديد بكوني "برطمانة حبهم" التي يستعيضون بها عن دفاتر اليوميات..
أحببت وظيفتي الجديدة.. وصنعت صداقات مع كتب الطالبات وعباءاتهن التي يضعنها على رف النافذة والخالة التي كلما جاءت لتنظف فصلهن القذر آخر النهار رأتني واستعجبت لكوني ملأى بالأوراق..!
***
افتقدت تلك الأيادي التي تفتحني كل يوم.. زادت المدة الزمنية بين كل ورقة وورقة نظرا لأنهن مشغولات كثيرا هذه الأيام لقرب انتهاء الفصل الدراسي الأول وعليهن العمل بجد لإحراز درجات عالية..
أعترف أني غيرت موقفي تماما من صاحبتي وصديقاتها أفراد شلة "الطقاقات" وبدأت أشعر بالحنين لأوراقهن التي يغلقنها بإحكام كي لا يراها أحد حتى إشعار آخر..
تفتح النافذة وتغلق.. وتفتح وتغلق حتى تنصرف الطالبات المشاكسات واللاتي كدن أن يوقعنني من على ارتفاع شاهق فيقضى عليّ.. وأظل كل ليلة وحيدة أمضي وقتي بالنوم والنظر من النافذة..
***
يوم عادي يمر عليَّ ككل يوم قرب هذه النافذة.. كنت قد استسلمت للنوم عندما أبعدت الستارة عن النافذة..
امتدت يدها لأجدها تمسك بي وتحشرني داخل حقيبتها وتركض خارج الفصل.. ربما لم تسمع صرخاتي المختنقة.. لكنها أفرجت عني في منزلها والذي لا يبعد كثيرا عن المدرسة..
حزنت لأنني سجنت في دولاب ملابس صاحبتي ولم أعد أرى تلك الوجوه التي عهدتها لكنني ربما سأعود إلى تلك النافذة التي جمعتني بها قصة حب جميلة بين طالبات 1/2ث
أسبوعان يمران عليّ في هذا الدولاب البغيض الذي لا يفتح إلا لإخراج الملابس والنظر في جدول الاختبارات الذي علق عليه أما أنا فلا أحد يلقي عليّ التحية نظرا لكوني مهملة هذه الأيام بسبب انشغال البنات باختباراتهم النهائية للفصل الدراسي الأول..
***
عادت صاحبتي (سرو) من المدرسة هذا اليوم فرحة.. ألقت بحقيبتها مذ أن وضعت قدمها في البيت وألقت بزييها المدرسي بعيدا فابتسمت فرحة لأنها انتهت أخيرا من اختباراتها وهاهي الآن الإجازة قد أقبلت..
وعدت لأرى (إسراء) تعود لحاسبها المحمول وكتابة قصصها ومجتمعها الكبير على (فيس بوك) وكثييير من هواياتها التي انقطعت عنها.. وكأني أرى بقية أفراد الشلة أيضا يبدؤون بالعودة إلى عالمهم الخاص.. تحياتي لكن (رهف- ترتيل- مشاعل- سارة- عهود) وتحياتي لـ(لجين) التي تفتح كل يوم ستائر النافذة فأتمكن أنا وجميع الأغراض قربي من رؤية البنات.. وتحياتي لصاحبتي (إسراء) التي جلست ذات ليلة بجواري بعد أن ملأت كرشي بالأوراق.. واستمعت لما أردت أن أبوح به.. ثم عادت تترجمه في قصة لن تنتهي..
غير أني أختمها الآن فتتمة القصة في داخلي وداخل قلوبهم.. ولنا لقاء في أول أيام الفصل الثاني كي نعثر على التتمة مع أفراد الشلة.. !
وداعا ..... !
***
ويبقى ما في داخل "برطمانة حبنا" سرا في قلوب الستة حتى وإن باحت "البرطمانة" ببعض السر في هذه القصة.....،، 29/2/1433هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق