الأربعاء، 18 أبريل 2012

يمن


خلتها مدللة حين عللت للأستاذ سبب بكائها المفاجئ بأن حشرة لدغتها وضحكت من ذلك الدلال المقرف كما ضحك كل الطلاب والطالبات..
اقترب منها الأستاذ.. أطرقت رأسها فرفعه,,
: مابك (يـمن)؟
نظرتُ إلى الفتاة.. تبدو عليها رعشة.. عيناها غائرتان.. شفتاها متقرحتان.. غيرت وجهة نظري وتابعت باهتمام..
جثا الأستاذ على ركبتيه وحدثها..
: حدثت مصيبة كبرى لا ندري ما
هي.. لكن على كل حال الصبر هو ذلك الترياق الشافي لجروحنا.. مهما كانت يا (يمن)..
شهقَت حتى ظننتُ أن قلبها سيخرج ومالت من على الكرسي وسقطت مغشيا عليها..
صرخ الجميع فزعا فحملناها إلى العيادة.. وعدنا نستكمل درسنا..
لم أفهم شيئا من درس الرياضيات لكنني أعلم أن هذه الفتاة لم تعد بخير مذ رأيتها تسير مع هذا الذي أمامي.. فسرح تفكيري بعيدا..
في نهاية اليوم.. ذهبتُ إلى العيادة.. طرقتُ الباب وفتحته..
فجلست بعد أن كانت ترقد على السرير.. جلست بجوارها فابتعدَت فانتقلتُ إلى الكرسي..
: كيف حالك الآن يا (يمن)؟
عدلت غطاء رأسها وأجابت بصوت محشرج..
: بخير
نظرت إليّ بعينين حادتين.. فقلت
: جئت لأطمئن عليك (يمن).. وآخذك إلى البيت
صرخت..
: لا
لكنها استدركت..
: أقصد.. لا تتعب نفسك سأذهب وحدي
وحملت حقيبتها وخرجت من الغرفة فتبعتها..
: (يمن) انتظري
التفتت.. فأردفتُ..
: لا تقلقي لن أؤذيك.. أردت فقط ايصالك إلى المنزل.. أرجوكِ
لم تستطع الرفض أمام إصراري فوافقت على مضض
طيلة الطريق كنت أحاول أن أفهم سبب تلك الحالة التي تعتريها.. قطعَت تفكيري قائلة..
:  ماذا تريد مني (لؤي)؟
: أريد أن أعرف بك.. مهلا أعلم أن لا شأن لي.. لكن اعتبري ذلك فضولا لا أكثر .............
قاطعتني..
: آسفة يا (لؤي).. لا شأن لك فعلا
: أعلم.. لكن.. كل ما في الأمر أن صفنا فقد تلك اللمسة الطفولية البريئة.. مشاكساتك ودعابتك.. (يمن) لا تزال دفاتري فارغة بانتظار أن أكملها من دفاترك.. ارتديتِ الحجاب فجأة رغم صغر سنك.. تدهورت صحتك واسمر لونك.. يداك مرتعشتان.. عيناك غائرتان.. شفتاك متقرحتان.. وكل ماهو سعيد صار تعيسا بدءا برأسك وحتى أخمص قدميك.. ما بك (يمن)؟
: السبب هو أنني في الثانية عشرة وأنت في الخامسة عشر وكلانا في الأول الاعدادي.. سنكمل حديثنا لاحقا.. وصلت إلى منزلي.. إلى اللقاء
: إلى اللقاء !
لم أفهم شيئا مما قالت لكني مضيت وقد كون ذهني افتراضات كثيرة لما يمكن أن يحول طفلة بريئة إلى شابة فجأة..
وسرح تفكيري في هذه الـ (يـــــمــَن) بعيدا..
أخذت هاتفي واتصلت به..
: ألو (عماد)
: مرحبا
: لم تغيبت هذا اليوم؟
: ألم أخبرك أنني سأنتقل إلى مدرسة .......................
تأكدت حينها أنني على حق.. قاطعته
: لم ستنتقل؟!
: لكي أزيد من تحصيلي الدراسي ذهبت إلى مدرسة خاصة
: اسمع كن في المقهى المجاور لمنزلكم بعد ساعة.. سألتقيك هناك
: لا أريد ! أو لا أستطيع يا (لؤي) لدي أشغال كثيرة اليوم
: سألتقيك يا (عماد) ولا تكثر الحديث
: لن أفعل
: بل ستفعل
وأغلق الخط في وجهي..
ذهبت إلى المنزل.. تناولت طعامي سريعا وأخذت حماما دافئا وذهبت إلى المقهى فلم أجده.. اتصلت به فلم تجبني سوى تلك الغبية التي تخبرني بأن الهاتف المطلوب مغلق حاليا.. صعدت إلى منزله.. طرقت الباب طرقا عنيفا ففتحت لي إحداهن..
: مرحبا (عماد) موجود؟
: آسفة ليس هنا حاليا.. سأخبره أنك..............
: لا تخبريه بشيء.. إلى اللقاء
ونزلت سريعا إلى المقهى.. انتظرت دقائق فلم يأتي فعدت أدراجي إلى المنزل..
في اليوم التالي حضرت باكرا إلى المدرسة.. صعدت إلى الصف فوجدت مقعدها خاليا.. لا بأس ربما أرادت حضور الطابور الصباحي..
نزلت مرة أخرى فوجدتها تتحدث مع الحارس عند الباب.. ذهبت إليهما وسألته..
: ماذا أردت منها سيدي؟
: تأخرت الفتاة عن الوقت المحدد لن أدخلها إلا بإذن المدير
فقالت له
: اسمح لي بالدخول.. أتيت سيرا على الأقدام المسافة طويلة
لا أدري ما الذي دفعني لأكذب لكنني صرخت في وجهه
: ألا تعلم أن هنالك ازدحام في الشارع المقابل بسبب أعمال الصيانة.. لو أنها استقلت سيارة لوصلت بعد ساعة.. اتركها تدخل
: حسنا أول وآخر مرة
: ادخلي (يمن)..
رفعت عينيها إليّ وابتسمت..
: شكرا لك
: عفوا
صعدنا إلى الصف ففاجئنا الأستاذ باختبار أثار جلبة كبيرة إذ أنه أراد قياس مستوياتنا.. استسلمنا للأمر ونظمنا الصفوف.. قربت مكتبي من مكتبها.. وُزِّع الورق فأجبت عن سؤال واحد من أصل أربعة وفشلت كل محاولاتي في إخراج الكتاب لأحصل على الإجابات.. نظرت إلى صديقي فلم أجده أحسن حالا مني فاستسلمت لأني سأرسب في هذا الاختبار..
وضعت رأسي على الطاولة ونظرت إليها فابتسمت وأشارت إليّ أن نتبادل الأوراق.. فرحت جدا وتبادلنا الأوراق في حذر كتبت اسمي على ورقتها فكتبت اسمها على ورقتي وأكملت حلها.. أنظر إليها بعمق وأغبط ورقتي إذ أنها قريبة منها كفاية لتعرف ما بها.. وأعلم أنها تشعر بأني أغبى طالب رأته في حياتها إذ لم أتمكن من إكمال تلك الورقة,.
انتهى الاختبار بسلام فذهبت إليها..
: (يمن) أردت شكرك
: عفوا لكن عليك أن تذاكر أولا بأول لتحصل على معدل جيد
: حسنا.. أمرك سيدتي.. شكرا لك مجددا
ابتسمت وذهبت لتعدل طاولتها استعدادا لحصة مملة أخرى..
استأذنتُ باكرا ذلك اليوم بعد أن عرفت مدرسة (عماد) التي انتقل إليها.. دخلت فإذ بها مدرسة عالية المستوى.. لم أستغرب كثيرا فصديقنا مترف ومدلل.. دخلت إلى المراقب..
: مرحبا سيدي أردت زيارة صديقي.. انتقل إليكم منذ أيام..
: حسنا بني دقائق من فضلك
وأعطيته بياناته فلم تمر سوى دقائق حتى نزل من صفه وما إن رآني حتى تجهم..
: ماذا تريد يا (لؤي)؟
: أريد أن أعرف ما الذي دار بينك وبين (يمن)؟
: من (يمن)؟
: ألم تعد تعرفها؟ (يمن) أصغر طالبة في صفنا
: نعم نعم ما بها؟
صرخت في وجهه
: ألم تسمعني قلت ما الذي دار بينك وبينها؟
: لا شيء
: أجب يا (عماد) ولا تحاول التهرب هل ظننت أنني سأصدق أنك انتقلت إلى هنا لتزيد من تحصيلك؟ أنت الوحيد الذي لا يبالي بالدراسة
: اسمع لا تحشر أنفك في شيء ليس له وجود أصلا من (يمن) حتى تكون لي علاقة معها.. ثم ما الأسباب التي تدفعني لذلك؟
: إن لم ترد الاعتراف فسأجعلك تقر بالقانون
: أأسمي هذا تهديدا؟
: سمه ما شئت
وخرجت من مدرسته مستقلا دراجتي النارية نحو المنزل.. رأيتها تسير وحدها فاقتربت منها ولما سمعت صوت دراجتي أفلتت حقيبتها والتفتت بحذر.. فقلت
: اصعدي (يمن)
وأخذتُ حقيبتها من على الأرض ومسحتُ عنها الغبار.. سألتها محاولا تلطيف الجو..
: أهذه أول مرة تستقلين فيها دراجة نارية؟
: نعم
: حسنا تمسكي جيدا..
وانطلقت بأقصى سرعتي..
لاحظتْ أنني أسير في طريق غير الذي اعتادته.. فقالت باضطراب..
: بيتي من هنا (لؤي)
: أعلم لكنني سأطيل الطريق كي تستمتعي برحلة على متن الدراجة
اضطرب صوتها أكثر..
: أنزلني هنا (لؤي).. أرجوك
صرخت وارتعشت يداها..
: أنزلني هنا لا أريد شيئا.. أرجوك
أوقفت دراجتي ونزلت لأساعدها على النزول أمسكت يديها فأفلتتهما بقوة.. ثوان صامتة مرت حاولت إخفاء دموعها لكنها لم تستطع.. أمسكت يديها أخرى.. حاولت إفلاتهما لكنني أحكمت قبضتي فنظرت إليّ بعينين دامعتين.. ربتُّ على كتفيها..
: اطمئني (يمن) أعدك بأني لن أؤذيك.. فقط اصعدي إن أردت
صعدت مرة أخرى.. فقلت لها..
: مجددا.. تمسكي جيدا
تمسكت جيدا فطفنا حول الحي ثم أوصلتها إلى المنزل..
حاولت في الأيام التالية أن أجمع خيوط قصتها لأفهم ما الذي حدث وكنت واثقا أن لـ(عماد) علاقة بما يحدث مع (يمن).. صرت أتقرب منها كلما سنحت لي الفرصة لكنها لم تثق بنزاهتي حتى الآن.. لا بأس في ذلك فما دامت تستطيع الحديث معي بأريحية إذا سأعرف عما قريب تفاصيل الحكاية كاملة
رن جرس الحصة الثالثة فأخذت فطوري وذهبت ونزلت إلى الفناء لآكل أخيرا بعد حصص ثلاث أشعرنني بالإنهاك..
بحثت عنها فوجدتها تجلس وحدها.. ذهبت إلى المقصف واشتريت "الشيبس" لي ولها فهي تحبه كثيرا كما أعلم.. اقتربت منها..
: مرحبا (يمن)..
: أهلا اجلس
استبشرت لأنها أمرتني بالجلوس من تلقاء نفسها وشعرت كأنها بدأت تثق بي.. ناولتها "الشيبس"..
: تحبين هذا النوع كثيرا.. تفضلي
:شكرا لك
وفتحته وبدأت تأكل فاستبشرت أخرى لأني أصبحت شيئا لا تخشاه..
صمتنا قليلا ثم سألتها..
: من الذي أسماك (يمنًا) يا (يمن)؟
: أمي –رحمها الله- وأبي.. كلاهما اتفقا على هذا الاسم
: جميل
: أنجبتني أمي بعد سبعة عشر عاما منذ ولادتها الأولى بأختي.. ذهبا إلى اليمن لتعد أمي رسالة الدكتوراه وأنجبتني فأسمتني (يمن) تيمنا باليمن
: عم كانت رسالتها؟
: عن التربة.. كانت تود أن تدرس الغابات
: وأنتِ؟
: أود أن أصير محامية.. ماذا عنك؟
: لا أدري حتى الآن.. لم أقرر بعد لكن المحاماة تروقني.. قد أصير محاميا
: أود الجلوس على الأرض..
قالتها فطرت فرحا فهذا مؤشر ثالث يدل على ارتياحها.. كنت أسعد من في الكون حينها لأنني اقتربت من معرفة ما حدث..
في نهاية اليوم عدت إلى الصف لأبحث عنها فوجدتها تكتب.. ولما تنبهت لوجودي أخفت دفترها في الدرج وحملت حقيبتها ووقفت..
: أردت شيئا يا (لؤي)؟
: ألن تذهبي إلى المنزل؟
: بلى
: هيا إذا
وذهبت معي ونسيت ذلك الدفتر.. خرجنا من المدرسة وركبنا الدراجة فتظاهرت بأن أستاذ الرياضيات يريد أن يكلمني.. وصعدت سريعا وأخفيت دفترها ذاك في حقيبتي وعدت فوجدتها لا تزال بانتظاري.. ركبنا الدراجة وأوصلتها إلى المنزل وعدت بأقصى سرعتي إلى منزلي.. فتحت حقيبتي وأخرجت ذلك الدفتر وبدأت أقرأ.. لاحظت أولا اضطرابا في خطها الذي اعتدت أن يكون جميلا.. ولاحظت بللا في أجزاء من الورقة فعلمت أنها دموعها..
صعقتني أول جملة كتبتها..
"أن تغتصب براءتي فهذا لا يعني أنك رجل.. بتاتا"
ألقيت بالدفتر وارتميت على سريري فتلك الجملة كانت كفيلة بأن تدخلني في حالة من الصمت لساعة كاملة.. لم أستيقظ إلا على طرق الباب..
قمت بتثاقل لأفتحه.. وإذ بها أمي
: ما بك (لؤي).. لا تزال ترتدي ملابس المدرسة.. هل أنت على ما يرام؟
تمتمت..
: نعم
وشعرت بجسدي يهوي فاستندت على الباب وفزعت أمي
: أأنت مصاب بالدوار يا بني؟
لم أجبها وسحبت خطواتي الثقيلة إلى السرير وألقيت بجسدي فيه.. وقلت لها
: غطيني..
شعرت بالدفء قليلا لكن دموعي لم تتوقف عن الجريان فأحست أمي أن هنالك خطب ما.. خشيت أن ترى الدفتر فقربته إليّ برجلي وأخفيته تحت وسادتي.. ونمت بعمق يومها وقد قررت أمي ألا أذهب إلى المدرسة غدا..
استيقظت فوجدت ساعتي تشير إلى التاسعة مساء.. قمت من فراشي وأوصدت باب غرفتي.. طرقت أمي الباب فأجبتها
: أبدل ملابسي يا أمي
صرخت من خلف الباب
: هل أنت بخير يا بني؟
:نعم يا أمي لا تقلقي..
وأخرجت دفترها وأكملت قراءتي حتى وصلت لنهاية الصفحة فوجدت اسمه فيها.. وفورا وضعت خططي للنيل من ذلك السافل..
استيقظت صباحا فأمرتني أمي أن ألازم السرير ففعلت.. وقبيل الظهيرة تناولت طعامي وخرجت إلى مدرسته.. انتظرته حتى خرج فأقبلت نحوه..
: كيف حالك (عماد)؟
: أهلا.. ماذا تريد هذه المرة؟
: جئت لأعتذر عما حدث ذلك اليوم
: تعتذر؟؟! سبحان مغير الأحوال
: تذكرت ما حدث لـ(مصطفى) يوم أن غضبت منه ففعل والدك ما فعل بوالده.. بصراحة لا أريد أن يفصل أبي من عمله بسبب خصومة بيننا.. لذا سأدعوك إلى منزلي اليوم لتناول طعام الغداء..
: غداء؟ لما لا يكون عشاء أو حفل شواء؟
: أرجوك فأنا مشغول هذه الليلة
: حسنا انتظر قليلا لأعلم السائق
:سأقف عند تلك الدراجة
أنهى مكالمته وركب معي واتجهنا نحو المنزل.. أدخلته إلى حجرتي دون أن يراه أحد وذهبت لأحضر بندقية صيد والدي..
دخلت وأخفيتها خلف ظهري وأحكمت إغلاق الباب..
سألته بهدوء..
: ألن تخبرني ما الذي دار بينك وبين (يمن)؟
فزع وقرر الصراخ فكممت فمه وأخرجت البندقية وهمست في أذنه..
: أقسم يا هذا أنني سأفرغها في رأسك إن لم تخبرني
طلب مني أن بعد المنديل.. وهددني بأن يخبر والده فوجهت نحوه البندقية وكررت قسمي..
أخرجت الدفتر وقرأت ما فيه فأسقط في يده واعترف بما فعل..
أطلقت سراحه ورافقته حتى الباب.. أخرجت من جيبي مسجلا وهددته به إن أخبر أحدا بما حدث اليوم فوعدني.. لكن غليلي لم يشفى فأخذته عند زاوية من زوايا الحي وأوسعته ضربا وتركته هناك بعد أن ألقيت في وجهه مالا ليستقل به سيارة أجرة..
ذهبت إلى المدرسة في اليوم التالي.. تمنيت ألا أراها لأول مرة لأني لا أدري ما أقول.. صعدنا إلى الصف ولم تأتي فحمدت الله..
في منتصف الحصة الثالثة.. كنت سارحا أنظر من نافذة الصف عندما طرق الباب.. فتح الباب وإذ بها تأتي.. نظرت إليها ونظرت إليّ وكلانا على علم بما يدور في خلد الآخر.. وضعت رأسي بين قدمي كيلا أعي شيئا مما يحدث حولي..
رن جرس نهاية الحصة فخرجت إلى الحمام سريعا.. غسلت وجهي ونظرت إلى المرآة فوجدتها تقف عند الباب.. اقتربت منها فأمسكت بيدي وهزتني..
: أعلم أنك تعلم.. أعلم أنك تعلم يا (لؤي).. اجعله سرا أرجوك
وجثت على ركبتيها وعادت ترجوني.. وبكت حتى ما عدت أميز ملامح وجهها.. كنت واقفا مكتوف الأيدي مشدوهًا أنظر إليها فحسب.. حاولَت النهوض وما إن وقفَت حتى سقطت مرة أخرى..
خشيت عليها كثيرا ولم أعرف ما أفعل هززت كتفيها..
: (يمن) انهضي أرجوك.. أقسم أني لن أخبر أحدا
 حملتها بيدين مرتعشتين إلى العيادة.. مددتها على السرير وغطيتها.. وزودتها الطبيبة بالأكسجين فاستعادت وعيها..
طلبت من الطبيبة تركنا وحدنا ففعلت.. أغلقت الباب خلفها وعدت لـ(يمن)..
: (لؤي) أرجوك لا أحد يعلم بما تعلم سوى شقيقتي.. حتى أبي لم أخبره.. خشيت عليه يا (لؤي).. أرجوك..
هدأت من روعها..
: حسنا لن أخبر أحدا.. أقسم لك.. لكن أخبريني كيف حدث ما حدث؟
صمتت طويلا.. ومسحت دموعها
: ذهبت إليه لنذاكر سويا ............
وصمتت فعرفت التتمة.. ولم أسألها بعدُ عن شيء ،،
***********
خرجت من محاضرتي فوجدتها تجلس في الفناء بانتظاري..
باغتها من خلفها ووضعت يدي على عينيها فقالت..
: أعلم أنك لؤي
: لكنك لا تعلمين ما بحوزة لؤي
وأخرجت من جيبي علبة وفتحتها..
: فلتفتح أميرتي عينيها
صرخت متفاجئة..
: ما هذا يا لؤي؟؟!!
،،
ألبستها " الدبلة" وألبستي ،، فحملتها ودرت بها ،، وحلق قلبي فرحا وكذا قلبها وظلت
يَمَنْ
أميرتي ،، وظللت أميرها رغم كل شيء ،،،،

ماذا لو لم تدري لماذا؟!!


((إن عافت النفس شيئا أذلها فعليك الإصغاء لأوامرها حتى ولو كانت على حساب رزقك
**
وهذا ما فعلته فعلا.. استقلت من عملي بعد أن شعرت بالذل لاستثنائي من كافة النشاطات بحجة أنني أسود بغيض.. !
لكنني سألت نفسي..
لماذا ترافقني هذه اللعنة أينما ذهبت؟ لماذا أنا تعيس أسود؟ لماذا تفشل جميع خططي في أن أصبح فردا صالحا؟ لماذا ينبذنا المجتمع؟
وبقيت أدور في حلقة مفرغة طيلة أسبوع كامل.. لويت فيها عنق "لماذا" ولوت عنقي.. بل كسرته.. !
في اليوم السابع من ذلك الأسبوع وتحديدا بعد الظهر حين جلست وحيدا وعدت أستفهم مستخدما "لماذا" رن الهاتف.. جذبته بقوة آملا في أن تكفل لي هذه المكالمة عملا جديدا..
: مرحبا..
: أهلا أأنت ذلك الأسود البغيض؟!
: المعذرة؟!!
: مابك؟ ألم تقل هذا يوم أن استقلت من عملك؟
: عفوا من أنتِ؟ ولماذا تتجسسين على بيوت الآخرين لتعلمي ما يحدثون به أنفسهم؟
: لماذا
: أعتقد أني لم أسألكِ لتجيبي بذات السؤال
: أنا لا أجيبك.. أنا "لماذا" ذاتها التي تسأل بها
: يبدو هذا أمرا بعيدا عن الواقع أيتها السيدة
: نعم هذا أمر لا يحدث إلا مع أسود بغيض مثلك !! اتصلت لأقول لك أنني لا أدري لماذا يحدث معك كل ذلك ! وكي أقول أيضا
وصرخت في أذني..
: كي أقول أيضا.. ألا يحدث أيها الأسود أن "لماذا" نفسها عجزت عن إجابة أسئلتك؟ ماذا لو لم تدري "لماذا" نفسها لماذا تسأل أنت كل هذه الأسئلة؟ دعني أسألك سؤالا.. لماذا لا تحرك ساكنا من حولك؟ لماذا تستسلم لكونك عاجزا تستقيل دوما من عملك؟!
صمتُّ يومها طويلا بعد أن أغلقت "لماذا" الخط.. لأنها أرادت مني التفكير فيما قالته.. ومنذ ذلك اليوم عملت جاهدا كي أمحو من ذهني كافة استفهاماتي البادئة بـ"لماذا" عدا سؤالا واحدا هو الذي يهزني دوما..
"ماذا لو لم تدري "لماذا"؟"
إن لم تدرِ "لماذا" نفسها أجوبة كل تلك الأسئلة.. فهذا يعني أنها استفهامات وهمية لا فائدة لها سوى تثبيطك ومنحك شعورا بأنك أسود بغيض))
: وأنتَ الآن لست أسودا بغيضا؟!
: بتاتا
: رغم أنك في السجن؟!
: نعم.. لست أسودا بغيضا حتى وإن كنت في السجن.. بل دعني أقل لك سرا.. من هنا تبدأ عظمة المرء أن يسجن لسبب راقٍ.. مثل أن تتظاهر وحدك في الشارع طالبا الخلاص من هذه اللعنة فيُزج بك في السجن لأنك تخالف القانون.. ويتظاهر الجميع خارج السجن يوميا لأجلك ويعتبون على الدولة الديموقراطية عدم تنفيذ مبادئها الديموقراطية ! فتكون قد سجنت لسبب راقٍ .. أتعلم أيها الأبيض أن "لماذا" شيء مهم في حياتي؟! لأنها أداة الاستفهام الوحيدة التي أعادت إليَّ حريتي.. !
: حريتك؟! هذه أغرب اعترافات قالها متهم ! أيها الحارس أعده إلى السجن..
أخذني الحارس فطلبت منه إعادة السلاسل إلى يديّ.. ولما استفهم بـ"لماذا".. أجابه المحقق بأن أناسا تعيد إليهم السلاسل حريتهم.. وطلب منه ألا يستفهم بـ"لماذا" لأن سؤالا لا تدري "لماذا" إجابته لا يورث في نفس الأسود البغيض إلا سوادا بغيضا قاتما ! !



26/4/1433هـ

غير انها محقة


9:46 p.m
10/5/1433H
قررَت الذهاب إليه في مقر عمله إذ لم يكن بإمكانها التحدث معه إلا هناك ..
وفي طريقها عادت بها الذكريات لأيام ماضية .. يوم أن حضَّرت له ما يحبه على الغداء فعاد متأخرا وقد تناوله مع صديقه .. ويوم أن نسيت كيَّ ربطة عنقه فوبخها حتى سمعه الجيران .. ولما عاد فوجد كل شيء مرتبا عدا رف أحذيته فثار غضبا وزمجر .. وأيام كثيرة .. !
وصلت إلى استديو تصويره
.. دخلت فدهشت لعدد آلاته الهائل .. جذبتها إحداها .. همست
: كاميرا احترافية !
صرخ بها ..
: ماذا تفعلين هنا ؟!
فأجابت بهدوء متألم كما كانت تجيبه دوما ..
: جئت أنهي هذه المهزلة .. بالمناسبة قد تملك آلة تصوير احترافية .. لكنك لن تملك أبدا زوجة احترافية !
أخفت دموعها كيلا يرى ضعفها وسارعت بالمغادرة من حيث دخلت ..
أدخلت رأسها من الباب فوجدته ما زال واقفا في مكانه مشدوها .. نبهته قائلة ..
: أرسل لي ورقة الطلاق على بريد منزل والدي .. وداعا ..
**
ظل بعد طلاقها عازبا .. يحدث نفسه كلما رأى آلته تلك ..
: لم تكن احترافية .. غير أنها محقة !

رجلٌ كأمي !


كنت شابا حينها غير مسؤول تماما.. أرى في زوجتي عشيقة أسطورية.. وفي صغيري ملاكا من الجنة.. أعود كل يوم فأجد منزلي في أحسن صورة.. بهيا جميلا تفوح منه رائحة البخور.. عبقا بحبهما.. يأتي الصغير راكضا نحوي.. يقبلني وأحمله ويبدأ بسرد ما فعل هو ووالدته في الصباح.. أسمع حديثه تارة وتارة أخرى أغفو بانتظار أن تعد حبيبتي الغداء.. فأسمع صوته غاضبا يشكوني لأمه..
: أمي.. عاد أبي للنوم مجددا.. لم ينام حين أروي له ما نفعله كل يوم؟
تضحك وتخفض صوتها..
: إنه مجهد من العمل يا صغيري.. حدثه فيما بعد
يخرج من المطبخ حاملا لعبته فأغمض عينيّ متظاهرا بالنوم.. يضرب فخذيّ بيديه..
: هيا يا أبي حان وقت الغداء..
وفي يوم آخر أرى زوجتي تهم بالشكوى لي عن كثرة أعمال المنزل فتتراجع حين تراني مشغولا بأوراقي أو متحدثا بالهاتف وتكتم ما في نفسها.. الغريب أنني أعلم ما في نفسها لكنني أؤجل الحديث حتى وقت لاحق..
وحين أعد بني بإصلاح لعبته فيأتي حاملا لعبته طالبا مني إصلاحها فأزمجر في وجهه وأتجاهله.. وتقوم والدته عني بما وعدت..
وأذكر يوم أن تأخرت ساعة عن موعد عودتهما من مدرسة الصغير في يومه الأول فعادا مستقلين سيارة أجرة..
وكلما هم الصغير أو همت بأمه بالشكوى إليّ حال تجاهلي دون أن يبوحا لي بما في داخلهما من ضيق من أفعالي..
وحين تقبل عطلة نهاية الأسبوع أقطع عهدا على نفسي أن أسمع ما بداخل صغيري وأمه.. فأراني دائما أحنث وأبر بعهدي في أحايين قليلة..
يومها حاصرتني نفسي فقطعت عليّ عهدا بأن أبر بما عاهدتها وأقسمت ألا أحنث فذهبت أداعب الصغير وألاطف أمه.. خلتني سأفاجئه حين فتحت الباب ووجدت أمه تلعب معه وصرخت..
: بطلي الصغير تعال لوالدك..
فالتفت إليّ ضجرا يجر خطواته جرا.. حاولت إيجاد ما نتحدث عنه.. فبادرته..
: غدا حين يكبر حبيبي سيصبح رجلا كوالده.. بطلا شجاعا أليس كذلك؟
قفز قفزتين وصرخ فخلت سؤاليَ نال استحسانه.. لكنه لم يكن كذلك.. قال موبخا ببراءة..
: حين أكبر سأكون رجلا كأمي.. وسأحب أطفالي وسأ..........................
ولم أسمع تتمة ما قال لما أسقطتني جملته المحرجة في هاوية لم أعرف لها نهاية..
نظرت إلى أمه ونظرت إليّ ولم أعرف ما أفعل فانسحبت سريعا من المشهد المخجل..
وفيما بعد أخذت دروسا على يد أم الصغير تعلمني كيف أكون رجلا مثلها.. !!!
علمني الصغير وعلمتنه أمه أن أكون رجلا أبا .. كلما هممت بأن أصرخ في وجهه أو أتجاهل حديثه أو أغفو حين يتحدث أراني تذكرت جملته تلك فعدلت عن قراري أملا أن يعدل صغيري ذات يوم في الجملة شيئا يسيرا.. ويضعني مكان أمه قدوة له.. !
الغريب أن الصغير لما كبر لم يذكر جملته تلك.. في حين لم تمحها السنين من ذهني لأن شيئا ما داخلها حركني لأكون رجلا كأمه ! 

أولن أحن لأمي؟!


على ذات المسرح أصعد كل مرة لأغني إحدى روائع "محمود درويش" فأنا مولع به إلى حد الجنون.. وكلما غنيت إحداها صفق الجمهور بحرارة وحياه من خلالي.. واقترب أحد الحضور مثنيا..
: أحسنت.. في المرة القادمة نريد "أحن لأمي"..
فأجيب بذات الإجابة..
: لا أجيدها كثيرا سيدي..
: لا تكن متواضعا.. أجدت ماهو أصعب فقط تدرب على اللحن وستكون أروع مما تظن..
فأتنهد وأغتم..
: خيرا إن شاء الله..
وأجلس وحدي كل مرة غارقا في الذكريات متجلدا مرة.. باكيا مرات..!
يوما كنت أتمشى وحدي في ردهات الكلية.. ناداني أحدهم باسمي فالتفتُّ فاقترب وسلَّم.. وأعطاني ورقة وشريطا..
: تفضل..
فعلمت أنها أغنية عليَّ أداؤها.. أجلت قراءة الورقة حتى أعود إلى شقتي.. ولما عدت فتحت الورقة فوجدتها كلمات أغنية وكان الشريط لها مغناة.. مكتوب عليه بخط عريض.. " أحن لأمي".. فدافعت دموعي لكنها أبت إلا الهبوط.. عجبا كيف لم ألحظ عنوانا يمحو كل ألواني ما إن أراه؟! ألم أعلل إعيائي منذ أن أخذته بهذا الشريط؟! ألم ألحظ وجهي شاحبا ويداي متعرقتان؟! ألم يجد ذلك الشاب غيري ليغني رائعة أحبها لحب كاتبها فحسب؟!
"أحن لأمي" .. مالي أرى طيفك يلاحقني أينما ذهبت؟! ارءفي بي فليس سواك يعييني.. !
وظللت غارقا في أشجاني حتى حان الثلاثاء موعدها.. لم أصعد على المسرح واثقا ككل مرة.. لكنني استطعت أن أحمل المكبر وأقربه من فمي..
: عدنان الخطيب.. في "أحن لأمي"
وبدأت الموسيقى وعلى وقعها عادت ذكرياتي صبيا يحن لأمه لما لم يجد أما.. قبضت على المكبر وبدأت..
: أحن لأمي.. فخارت قواي لما عادت ذكرياتي صبيا يبلل فراشه لا إراديا رغم بلوغه السادسة.. وكل يوم حين تشرق الشمس أبكي لما كان الضوء موعد عقابي على مرض ليس بيدي.. وأهم بأن أضع ملابسي المبللة مع كومة الملابس المتسخة فتأتي ناقمة على مرضي.. تجلدني بالسياط..!
: إلى خبز أمي..
فيرن في أذني صوتها طاعنة في رجولتي ذات الست سنوات..! وأكتم الخوف لكنه يظهر على الملامح فتعود لتقتلني بها.. كن رجلا.. !
: وقهوة أمي..
حين كسرت قدحها فلم آكل يومين!
: وتكبر فيّ الطفولة يوما على صدر أمي..
وتلك الطفولة التي اجتثت من داخلي.. لم أرها على ذلك الصدر.. لم أعرفه دفئه يوما يؤويني..!
حينها توقفت إعياءً وبقيت أهذي لحن الأغنية جاثيا على الركبتين باكيا الطفولة ..
أولن أحن لأمي؟ إلى خبز أمي ؟ وقهوة أمي ؟؟!! وتلك الطفولة التي سحقتها على مرأى مني ؟  لتصنع مني رجلا .. فلم أغدو في السادسة رجلا ولم أحظى حتى العشرين بطفولة وكأن الطفولة غادرت الدنيا لما غادرتها أمي ..! وأراهم يعزونني ظانين أني أبكيها حنينا ..
: "رحمها الله" ..
وأنا لا أبكي سوى طفولتي .. لا أرثي إلا صباي .. !

وأسر في نفسي .. ليته رحمها قبل أن تقتلع طفولتي ..!
***
أيتها الأنثى.. لا تصبحي أما.. مالم تتعلمي إتقان ذلك.. !
وتلك نصيحة من عشريني لم يعرف طفولة.. !
الأحد
16/5/1433ه



امرأة بلسان فلسطين تعظكم أبناءها أن لا تخرجوا منها
فتقتلوا برصاص عربي..
توبخ الظلم الذي شاع بين الإخوة وائدا الرحمة قاتلا العدل..
لا تخرجوا ففي كلا الحالين ستقتلون فتخيروا رصاصا يهوديا
يقتلكم رغم قذارته فليس أقسى من أن يقتل الأخ برصاص أخيه..
لا تخرجوا أجدى من أن يسخر منكم التاريخ فتكتبون في أقبح

تجليات الظلم شهداء قتلوا بأيدي إخوتهم !
 أم الوليد "


إن رأيتَ أمي فستلحظ أن لفظ "أنثى" قد لا يليق بامرأة مثلها..
حنطية اللون.. متوسطة القامة.. حكيمة.. صامتة إلا عندما يستدعي الموقف.. لها تجاعيد طبعتها حياة الرباط حول عينيها.. قلبها أشبه بقلب رجل.. غير أن العاطفة تغلبها حينا فترى الدموع تتلألأ في تلك العينين..
كنت في الخامسة حين رأيتها تبكي آخر مرة.. وقفتُ على الباب أنظر إليها تحمل صبيها ذو الخامسة عشرة ربيعا والخبز ملقى إلى جانبه.. خرجت تبتاعه فبدأ القصف ولما عادت وجدت فلذة كبدها غارقا في دمائه..
أذكرها تقبله وتبكي.. تقول لي..  
: روحي يما جيبي المسك..
وتضطرب خطواتي وترتجف يداي بحثا عن المسك.. ورغم صغري لم أخشَ الاقتراب من جثة ملطخة بالدماء..
سمعت الكبار يقولون ذات مرة.. أن الشهيد حي وحفظت تلك الجملة لأنها الأكثر استخداما هنا في غزة..
فقلت لأمي..
: تخافيش يما الوليد حي.. عند الله
فعطرته بمسكها.. ووقفت وحملته وزغردت على وقع دوي القصف والمطر آنذاك قد هطل فامتزج صوت الرعد بصوت الطائرات.. وامتزج المطر بمطر القنابل !
ودارت أمي في ساحة منزلها حاملة شهيدها تزفه إلى الجنة حيث أبوه.. لم تفتأ عن الغناء باكية اختلطت دموعها بقطرات المطر.. غنت له ذاك اليوم أغنية العريس.. وزغردت لما اختلط الحزن بالفرح.. !
: سبل عيونو وماد ايدو يحنولوا**غزال صغير بالمنديل يلفولوا**يا أمي يا أمي عبيلي المخاداتي**وطلعت من الدار وما ودعت خياتي** يا أمي يا أمي طاويلي المناديلي وطلعت من الدار وما ودعت أنا جيلي** وطلعت من الدار وما ودعت أنا أمي !!
أما عن آخر مرة فلا تسل اليهود..!
كانت تشاهد التلفاز بعد عشرين عاما على مقتل الوليد..
وكنت أنا في المطبخ حين سمعتها تصرخ باكية..
: ولي يا يما.. ولي يا يما قتلوك الكلاب.. ولي يا يما روح لأبوك وللوليد.. روح لـ الله
وتزغرد ذات الزغرودة.. وتغني ذات الأغنية.. وتعزي نفسها حتى سقطت على الأرض.. فهرعتُ إليها.. ونظرتُ إلى التلفاز فوجدت اسمه بين أسماء شهداء درعا.. شهيدها الثاني الذي لجأ إلى سوريا بعد أن ضاق به الحال..
ماتت أمي كمدا على أن القاتل عربي.. وآثرت اللحاق بابنها وأخيه ووالدهما.. ذهبت وتركت قوتها في قلبي.. تخبرني كلما قررت السفر لاجئة أن الوطن بحاجة إليّ.. تحثني على البقاء لألقى حتفي شهيدة برصاص اليهود.. لا برصاص العرب.. فالفلسطيني لا يرضى برصاص العار قاتلا له ! !