الخميس، 18 أكتوبر 2012

التعبير الممتهن


التعبير الممتهن
السادسة يرن جرس انتهائها.. وبعد نوم بعينين مفتوحتين اعتدت عليه في الحصص غير المرغوب فيها.. استيقظت لأحضر درس التعبير الأول بعد تأكدي أن الحصة عربية بحتة لم تتخللها عشر دقائق فيزيائية أو كيميائية أو غيرهما..
وها قد أتت أستاذتنا حاملة أوراقها في مشهد يعود بي إلى أيام معلمة لنا كانت تحمل ذات السمة.. -ولعل صويحباتي أحسبهن عرفنها- أسندت خدي إلى يدي اليمنى وتلك وضعية انتشاء ملازمة لحصص اللغة العربية، حين خلت الموضوع قصة قصيرة أو مقالا وصفيا أو نثرا لشعر..!
لكن الحديث تحور إلى بحث عن قضية تشكل على المجتمع فإيجاد حلول لها على شكل مقدمة فعرْض مع عناوين جانبية ومحاور، أسئلة وأجوبة وخاتمة على شكل رجاء أخير بحل المشكلة والخلاصةُ تحقيقٌ في جريدةٍ يتعدى الحياة إلى مشكلات الحياة..!
الكلمة عندي الحياة.. والغذاء أقتات عليها فالحروف أدواتها.. مذاقاتها التي إن اصطفت مرتبة رصينة أضحت الكلمة حلوة غنية بالطعم.. لذيذة على اللسان.. وإن صار العكس تلعثم بها اللسان لسوء مذاقها.. ولفظها بصقا على السطر حاملها..
ولا أنفي الطعم عن التحقيق الصحفي الذي طولبنا بكتابته.. لكني أنفي الحياة عن منهج التعبير.. فالتحقيق ليس تعبيرا وإن صنف ضمن حصص المادة، ولا رسائل الشكوى تعبيرا إلا عن مشكل أقلق راحة الشاكي، أو ظاهرة عانى منها المجتمع الشاكي..
ولستُ شاكية إلا من وضع المشكلات مع حصص التعبير التي يفترض بها أن تكون ملاذا لمن ولج القسم العلمي وغذاؤه شطر لبيت شعر، أو حرف لسطر نثر..!
وكذلك أخبرت الأستاذة رغبة مني في البوح بعد أن خابت آمالي.. فأخبرتني إخبارا لم أفهم أكان يقف معي أو مع المنهج أن التعبير صار كلمة مهنية تعنى بتحديد مشكلات وحلها.. ثم عمدتُ إلى حاسبي لعلي أعالج المشكلة بشيء من التعبير عنها بكلمات أحسبهن رصينات بما يكفي للجمع بين بوح لخاطر وعلاج لظاهرة "المهنية" التي تآكلت منها المفردات ذوات المشاعر، والأسطر ذوات الألق.. حتى استحال منهج التعبير بعد كونه ملاذي، إلى قيد يلجم مفردتي فتضعف كلماتي وتتناقص درجاتي، وأضحي نهاية العامِ بلا كلمات أقتات عليهن، ولا درجات يُعتمد عليهن !

عبد الإله


"عبد الإله"
تسلل صوتها الصغير من سماعة الهاتف يخبرنا أن الصغير قد حصل على جرعة تطعيم ذاك اليوم، وكنت قبل ذاك أحب اسمه فلما تشكلت عنه تفاصيل أوفى رغبت أن أراه..
ليلة العيد تلك كانت "هبة" تحدثنا عن "عبد الإله" أخوها وابن عمي وعن جرعة تطعيمه وما خلفته من الحمى.. وعن الكمادات التي تعدها الخالة "إنصاف" لتزول عنه الحمى وعن وعن وعن..... وأطالت الصغيرة في الحديث وأطلنا في الاستماع.. عوضا عن مجيئهم إلينا..
لم أر الصغير في العيد رغم توقعاتي وتوقعاتنا أن يأتوا لكن ظروفا حالت بيني وبين رؤيته..
رغم سهولة النقل وتوفره وقلة تكلفته.. إلا أن ما حدث خلف شعورا ببعد جدة عن القصيم بعدا شاسعا يستحيل معه اللقاء حتى في الأعياد بطائرة أو حافلة أو سيارة.. لم أدرِ بعد لم أحببت "عبد الإله" كثيرا حتى صار هاجسا أن أراه ليلة العيد.. كل الخيوط التي حاولت جمعها لمعرفة السبب تقلصت في معلومة واحدة غير مكتملة وهي حبي للأطفال..!
لكن ذلك لم يقنع عقلي المنطقي دوما حتى حين العاطفة!! الكثير من الأطفال أحببتهم وتربع هو في المرتبة الأولى محرزا بذلك لقب "الأول" رغم أنه ليس الوحيد..
فدونه "المقداد" شقيق وفاء،، و"عمرو" ابن إحدى قريباتنا، و"آنَّا" التي ادعيت أنها ابنتي، و"حسوني" شقيقي اللطيف، "وحمودي" رغم أني غرت منه كثيرا في صغري، وحتى "آلاء" أختي الكبرى أحببت صورتها وهي آنذاك طفلة.. وأحببتني صغيرة جدا حتى همت بي وجاء "عبد الإله" يقلص حبي لنفسي وحب الأسماء أعلاه!!
المهم أيها الصغير ابن عمي، ألا تأتي لأراك؟ أم أنك يئست أنتَ الآخر فريت جدة صعبة المنال.. أم أنك لا تعلم عني شيئا أبدا ولم تلفظ "هبة" اسمي قربك كما تمنيت..
صغيري.. أخبر "هبة" أن تذكرني  عندك فربما أحببتني، وسأخبرها.. وربما جئتم وجئت ورأيتك وحملتك كما تمنيت دوما وقبلتك.. وأكملت الخيوط وفهمت سبب القصة برمتها..!!!